ولد محمد علي في مدينة (قَـوَلة) الساحلية في جنوب مقدونيا عام 1769 لعائلة ألبانية وقدم إلى مصر مع الفرقة الألبانية التي أرسلها السلطان العثماني
يعتبر محمد على باني مصر الحديثة وحاكمها ما بين 1805-1848 بداية حكمه كانت مرحلة حرجة في تاريخ مصر خلال القرن التاسع عشر حيث نقلها محمد علي من عصور التردي إلي أن أصبحت دولة قوية يعتد بها.
كان محمد علي قد إختاره المصريون ليكون واليا على مصر ،الذي تم في 17 مايو عام 1805. قضى علي المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة وكانوا مراكز قوي ومصدر قلاقل سياسية ,وأصبحت مصر تتسم بالإستقرار السياسي لأول مرة تحت ظلال الخلافة العثمانية. فلقد بدأ محمد علي بتكوين أول جيش نظامي في مصر الحديثة. وكان بداية للعسكرية المصريةاول مدرسة حربية في اسوان جنوب مصر بعيد عن انظار الدول علي كولونين سيف الفرنساوي في العصر الحديث
واتجه لمحاربة السودانيين عام 1820 والقضاء علي فلول المماليك بالنوبة و ساعد السلطان العثمانى في القضاء على الثورة في اليونان فيما يعرف بحرب المورة إلا ان وقوف الدول الاوروبية إلى جانب الثوار في اليونان ادى إلى تحطم الاسطول المصرى و عقد محمد على لاتفاقية لوقف القتال مما اغضب السلطان العثمانى و كان محمد على قد انصاع لأمر السلطان العثمانى و دخل هذه الحرب املا في ان يعطيه السلطان العثمانى بلاد الشام مكافأة له إلا أن السلطان العثمانى خيب آماله بإعطاءه جزيرة كريت و التى رآها محمد على تعويضا ضئيلا بالنسبة لخسارته في حرب المورة، ذلك بالاضافة الي بعد الجزيرة عن مركز حكمه في مصر و ميل اهلها الدائم للثورة،
تمكن محمد علي أن يبني في مصر دولة عصرية على النسق الأوروبي، واستعان في مشروعاته الإقتصادية والعلمية بخبراء أوروبيين، ومنهم بصفة خاصة السان سيمونيون الفرنسيون، الذين أمضوا في مصر بضع سنوات في الثلاثينات من القرن التاسع عشر، وكانوا يدعون إلى إقامة مجتمع نموذجي على أساس الصناعة المعتمدة على العلم الحديث. وكانت أهم دعائم دولة محمد علي العصرية: سياسته التعليمية والتثقيفية الحديثة. فقد آمن محمد علي بأنه لن يستطيع أن ينشئ قوة عسكرية على الطراز الأوروبي المتقدم، ويزودها بكل التقنيات العصرية، وأن يقيم إدارة فعالة، وإقتصاد مزدهر يدعمها ويحميها، إلا بإيجاد تعليم عصري يحل محل التعليم التقليدي. وهذا التعليم العصري يجب أن يُقتبس من أوروبا. وبالفعل فإنه طفق منذ 1809 بإرسال بعثات تعليمية إلى مدن إيطالية (ليفورنو ، ميلانو ، فلورنسا ، و روما) لدراسة العلوم العسكرية، وطرق بناء السفن، والطباعة. وأتبعها ببعثات لفرنسا، كان أشهرها بعثة 1826 التي تميز فيها إمامها المفكر والأديب رفاعة رافع الطهطاوي، الذي كان له دوره الكبير في مسيرة الحياة الفكرية والتعليمية في مصر.
أسرة محمد علي باشا كانت بانفتاحها و تنورها سبباً هاماً لازدهار مصر و ريادتها للعالم العربي منذ ذلك الوقت ، و قد أنهت تحكم المماليك الشراكسة (الجائر و المتحجر) بخيرات مصر.
لقد كانت إنجازات محمد علي تفوق كل إنجازات الرومان والروم البيزنطيين والمماليك والعثمانيين . لأنه كان طموحا بمصر ومحدثا لها ومحققا لوحدتها الكيانية وجاعلا المصريين بشتي طوائفهم مشاركين في تحديثها والنهوض بها معتمدا علي الخبراء الفرنسيين. وكان واقعيا عندما أرسل البعثات لفرنسا واستعان بها وبخبراتها التي إكتسبتها من حروب نابليون . ولم يغلق أبواب مصر بل فتحها علي مصراعيها لكل وافد. وانفتح علي العالم ليجلب خبراته لتطوير مصر . ولأول مرة أصبح التعليم منهجيا . فأنشأ المدارس التقنية ليلتحق خريجوها بالجيش. وأوجد زراعات جديدة كالقطن وبني المصانع واعتني بالري وشيد القناطر الخيرية علي النيل عند فمي فرعي دمياط و رشيد .
ولما استطاع محمد علي القضاء علي المماليك ربط القاهرة بالأقاليم ووضع سياسة تصنيعية و زراعية موسعة. وضبط المعاملات المالية والتجارية والادارية والزراعية لأول مرة في تاريخ مصر. وكان جهاز الإدارة أيام محمد علي يهتم أولا بالسخرة وتحصيل الأموال الأميرية وتعقب المتهربين من الضرائب وإلحاق العقاب الرادع بهم. وكانت الأعمال المالية يتولاها الأرمن والصيارفة كانوا من الأقباط والكتبة من الترك .لأن الرسائل كانت بالتركية. وكان حكام الاقاليم واعوانهم يحتكرون حق التزام الاطيان الزراعية وحقوق امتيازات وسائل النقل. فكانوا يمتلكون مراكب النقل الجماعي في النيل والترع يما فيها المعديات. وكان حكام الأقاليم يعيشون في قصور منيفة ولديهم الخدم والحشم والعبيد. وكانوا يتلقون الرشاوي لتعيين المشايخ في البنادر والقري . وكان العبيد الرقيق في قصورهم يعاملون برأفة ورقة . وكانوا يحررونهم من الرق. ومنهم من أمتلك الأبعاديات وتولي مناصب عليا بالدولة .وكان يطلق عليهم الأغوات المعاتيق. وكانوا بلا عائلات ينتسبون إليها . فكانوا يسمون محمد أغا أو عبد الله أغا. وأصبحوا يشكلون مجتمع الصفوة الأرستقراطية. ويشاركون فيه الأتراك . وفي قصورهم وبيوتهم كانوا يقتنون العبيد والأسلحة . ومنهم من كانوا حكاماً للأقاليم . وكانوا مع الأعيان المصريين يتقاسمون معهم المنافع المتبادلة ومعظمهم كانوا عاطلين بلا عمل. وكثيرون منهم كانوا يتقاضون معاشات من الدولة أو يحصلون علي أموال من اطيان الإلتزام. وكانوا يعيشون عيشة مرفهة وسط أغلبية محدودة أو معدومة الدخل .
كان محمد علي ينظر لمصر علي أنها أبعديته .فلقد أصدر مرسوما لأحد حكام الأقليم جاء فيه : البلاد الحاصل فيها تأخير في دفع ماعليها من البقايا او الاموال يضبط مشايخها ويرسلون للومان (السجن ). والتنبيه علي النظار بذلك . وليكن معلوما لكم ولهم أن مالي لايضيع منه شيء بل آخذه من عيونهم .وكان التجار الأجانب ولاسيما اليونانيين والشوام واليهود يحتكرون المحاصيل ويمارسون التجارة بمصر .وكانوا يشاركون الفلاحين في مواشيهم. وكان مشايخ الناحية يعاونونهم علي عقد مثل هذه الصفقات وضمان الفلاحين . وكانت عقود المشاركة بين التجار والفلاحين توثق في المحاكم الشرعية. وكان الصيارفة في كل ناحية يعملون لحساب هؤلاء التجار لتأمين حقوقهم لدي الفلاحين . لهذا كان التجار يضمنون الصيارفة عند تعيينهم لدي السلطات. ولا سيما في المناطق التي كانوا يتعاملون فيها مع الفلاحين . وكان التجار يقرضون الفلاحين الأموال قبل جني المحاصيل مقابل إحتكارهم لشراء محاصيلهم. وكان الفلاحون يسددون ديونهم من هذه المحاصيل. وكان التجار ليس لهم حق ممارسة التجارة إلا بإذن من الحكومة للحصول علي حق هذا الإمتياز لمدة عام ، يسدد عنه الأموال التي تقدرها السلطات وتدفع مقدما .لهذا كانت الدولة تحتكر التجارة بشرائها المحاصيل من الفلاجين أو بإعطاء الإمتيازات للتجار .وكان مشايخ أي ناحبة متعهدين بتوريد الغلال والحبوب كالسمن والزيوت والعسل والزبد لشون الحكومة لتصديرها أو إمداد القاهرة والإسكندرية بها أو توريدها للجيش المصري . لهذا كان الفلاحون سجناء قراهم لايغادرونها أو يسافرون إلا بإذن كتابي من الحكومة .وكان الفلاحون يهربون من السخرة في مشروعات محمد علي أو من الضرائب المجحفة او من الجهادية. وكان من بين الفارين المشايخ بالقري . لأنهم كانوا غير قادرين علي تسديد مديونية الحكومة. ورغم وعود محمد علي إلا أن الآلاف فروا للقري المجاورة او لاذوا لدي العربان البدو أوبالمدن الكبري . وهذا ماجعل محمد علي يصدر مرسوما جاء فيه : بأن علي المتسحبين ( الفارين أو المتسربين) العودة لقراهم في شهر رمضان 1251 هـ - 1835 م. وإلا أعدموا بعدها بالصلب كل علي باب داره أو دواره. وفي سنة 1845 أصدر ديوان المالية لائحة الأنفار المتسحبين. هددت فيها مشايخ البلاد بالقري لتهاونهم وأمرت جهات الضبطية بضبطهم ومن يتقاعس عن ضبطهم سيعاقب عقابا جسيما.
و بالرغم من ان محمد على صاحب انجازات غيرت تاريخ الا ان نهايته ليست بقدر انجازاته فقد عزله أبناؤه في سبتمبر عام 1848 لأنه قد أصيب بالخرف. ومات بالإسكندرية في أغسطس 1849 ودفن بجامعه بالقلعة بالقاهرة.